**لوس أنجلوس على صفيح ساخن: صدام السلطات واحتجاجات الهجرة تشعل فتيل الأزمة**
تحولت شوارع لوس أنجلوس، قلب ولاية كاليفورنيا
النابض بالحياة، إلى ساحة مواجهة مفتوحة، لا تعكس فقط غضباً شعبياً تجاه سياسات
الهجرة، بل تكشف عن صدع عميق بين السلطات الفيدرالية والمحلية، مما يهدد بتوسيع
رقعة التوتر إلى ولايات أمريكية أخرى. فقرار البيت الأبيض بإرسال قوات إضافية من
الحرس الوطني وقوات المارينز، بهدف "استعادة النظام"، لم ينجح في نزع
فتيل الأزمة، بل بدا وكأنه يصب الزيت على النار، محولاً الاحتجاجات إلى تحدٍ مباشر
للسلطة الرئاسية.
![]() |
**لوس أنجلوس على صفيح ساخن: صدام السلطات واحتجاجات الهجرة تشعل فتيل الأزمة** |
الميدان
في الميدان، تبدو الصورة معقدة. فعلى الرغم من أن حدة العنف قد تراجعت مقارنة بالأيام السابقة التي شهدت أعمال شغب وإحراق للممتلكات، إلا أن الأجواء لا تزال مشحونة. تتبع شرطة لوس أنجلوس تكتيكات جديدة أكثر تنظيماً، حيث تعمل على تقسيم حشود المتظاهرين ودفعهم نحو الشوارع الفرعية لمنع تشكل تجمعات كبرى
- بينما يقف عناصر الحرس الوطني كخط دفاع ثانٍ حول المباني الفيدرالية. هذا التنظيم الأمني قابله
- تنظيم مماثل من جانب المحتجين، الذين يواصلون حشدهم وتحديهم للإجراءات الأمنية، مما أدى إلى
- حملة اعتقالات واسعة تجاوزت
300 شخص في عموم كاليفورنيا.
أبعادها الميدانية
تتجاوز هذه الأزمة أبعادها الميدانية لتتحول إلى صراع سياسي ودستوري حاد. فقد وجه حاكم ولاية كاليفورنيا، جافن نيوسم، انتقاداً لاذعاً للرئيس ترامب، واصفاً قراره باستدعاء الحرس الوطني دون طلب أو تشاور مع حكومة الولاية بأنه "تعدٍ على الصلاحيات الدستورية" وخرق للجانب الأخلاقي.
- وتكتسب تصريحات نيوسم أهمية خاصة كون كاليفورنيا، رابع أكبر اقتصاد في العالم، تُعتبر الولاية
- الأكثر "لا-ترامبية" في البلاد، حيث خسر فيها الرئيس في ثلاث انتخابات متتالية. هذا الصدام يسلط
- الضوء على المعركة المحتدمة بين حقوق الولايات
والسلطة الفيدرالية المتنامية.
قلب الصراع
في قلب هذا الصراع تكمن قضية المهاجرين غير النظاميين، التي استخدمها الرئيس ترامب مراراً كأداة سياسية. إن وصف البيت الأبيض للمتظاهرين بأنهم "متمردون مأجورون" أو "مهاجرون غير نظاميين" لم يؤدِّ إلا إلى استفزاز شرائح أوسع من المجتمع المدني والناشطين الحقوقيين
- الذين يرون في هذا الخطاب تمييزاً عنصرياً يستهدف مجتمعات المهاجرين المسالمة والمنتجة. وتزيد
- من حدة الغضب الممارسات الميدانية لـ"دائرة الهجرة والجمارك" (ICE)، التي تواصل حملاتها
- لاعتقال المهاجرين من أماكن عملهم وحتى من محيط دور العبادة، مما خلق حالة من الخوف دفعت
- بعض العائلات إلى منع أطفالهم من الذهاب إلى المدارس.
المخاوف
إن المخاوف من امتداد هذه الاضطرابات ليست مجرد تكهنات. ففي ولاية تكساس، وهي نقطة تماس رئيسية مع المكسيك وذات تركيبة سكانية واقتصادية مشابهة لكاليفورنيا، تم رصد انتشار أمني استباقي في مدن مثل دالاس.
- كما أن ولاية نيويورك بدأت في نصب حواجز أمنية حول المباني الفيدرالية خشية انتقال "عدوى
- الاحتجاجات". هذه الولايات الثلاث (كاليفورنيا، تكساس، وفلوريدا) تشترك في اعتمادها الكبير على
- العمالة المهاجرة، ولكنها تتباين سياسياً، مما يجعل التوتر
فيها ذا طابع مركب.
الختام
في المحصلة، ما تشهده لوس أنجلوس اليوم هو أكثر من مجرد مظاهرات؛ إنه تعبير عن أزمة هوية وقيم داخل المجتمع الأمريكي. إنه صراع بين رؤيتين متناقضتين: رؤية فيدرالية تسعى لفرض سياسات هجرة متشددة بالقوة، ورؤية محلية في ولايات مثل كاليفورنيا تفاخر بكونها "ملاذاً آمناً" للمهاجرين وتدافع عن حقوقهم.
وبينما يواصل الرئيس ترامب التركيز على ملف ترحيل المهاجرين
كإنجاز انتخابي ملموس، تظل الشوارع مرآة للانقسام العميق الذي قد يحدد ملامح
المشهد السياسي الأمريكي لسنوات قادمة.